مقاومة كوباني من عيون الشهداء
الشهيد ريزان آمد، أحد القادة الكبار لمقاومة كوباني: “لقد أرقنا الدماء في كل مكان، وقدمنا الشهداء والجرحى، وهكذا وصلنا إلى مدينة كوباني، وقطعنا الأنفاس عليهم من كافة الجهات".
الشهيد ريزان آمد، أحد القادة الكبار لمقاومة كوباني: “لقد أرقنا الدماء في كل مكان، وقدمنا الشهداء والجرحى، وهكذا وصلنا إلى مدينة كوباني، وقطعنا الأنفاس عليهم من كافة الجهات".
توجه مقاتل الكريلا، أوميت تارهان (ريزان آمد) من جبال كردستان إلى كوباني مركز المقاومة في غرب كردستان بعد أن شن تنظيم "داعش" الإرهابي الهجوم على كوباني، وعاد الشهيد ريزان الذي شهد تحرير كوباني، إلى الجبال الحرة بعد أداء واجبه.
واستشهد بتاريخ 18 أيار 2022 في مناطق الدفاع المشروع، وكان ريزان آمد في الصفوف الأمامية في معركة كوباني.
وقبل عودته إلى جبال كردستان الحرة، تحدث ريزان آمد عن المقاومة التي كان مشاركاً فيها:
"أرادوا زرع الرعب في قلوب الناس، لكنهم هم من ارتعبوا"
"لقد أرادوا تطبيق مفهومهم الأول على العرب والعشائر عبر جبهة النصرة، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك، ومن ثم بدأوا في المفهوم الثاني، حيث شنّوا الهجوم على ناحية صرين للسيطرة على كوباني، ووصلوا إلى صوامع القمح في صرين، وأرادوا بهذه الطريقة تحقيق مفهومهم الثاني، ولكن لم ينجح هذا الأمر أيضاً، وعلقوا هذه المرة في مقاومة صرين، أما المفهوم الثالث، فقد كان يتخلص في أن يصلوا إلى كوباني عبر قرية زورمغار وذلك الخط، وبدون شك لم يتحقق هذا الأمر أيضاً، وكان غير ممكن، لم يكن بإمكانهم الوصول إلى كوباني إلا من خلال مفهوم أكبر ومختلف، وكان داعش الإرهابي يظن أنه وبالقضاء على رفاقنا وتدمير أسلحتنا المتواجدة في أطراف كوباني، سيكون بمقدوره الوصول إلى كوباني بسهولة، وأدرك "داعش" الإرهابي الذي اصطدم بجدار مقاومة قرية زورمغار، أنه ليس بمقدوره تحقيق حلمه، ولا يمكنه الدخول إلى كوباني بسهولة، ولذلك، قام بشن الهجوم على قرية عفدك.
وفي مواجهة عشرات الدبابات والمئات من مرتزقة داعش، لم يسمح 12 فدائياً بدخول المرتزقة إلى قرية سرزوري، وحارب الرفاق بالأسلحة الرشاشة، إلا أن العدو شن الهجوم بالدبابات والمجنزرات ورشاشات الـ "دوشكا"، ولم يكن لدى الرفاق إلا القنابل والأسلحة الرشاشة، وروح المقاومة هذه هي روح نابعة من روح مقاومة آمد، لم يستسلموا أبداً في مواجهة الهجمات، وتولى الرفيقان الشهيدين رودي وسرخبون قيادة هذه المقاومة، ولم يتخلوا عن خنادقهم حتى ساعات الصباح، وانخرطوا في المعركة ولم يتراجعوا إلى الخلف وارتقوا إلى مرتبة الشهادة، وأصبح الرفاق وسط الحصار المطبق عليهم، وقال الشهيد رودي على جهاز الإرسال اللاسلكي "لا تفقدوا معنوياتكم، معنوياتنا قوية، لنخض المقاومة، لدينا الطلقات والأسلحة والذخيرة، لنقم بخوض المقاومة، وسوف نحارب".
وشنّوا الهجوم بالدبابات وصواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون ورشاشات الـ "دوشكا" وكافة أنواع الأسلحة، وهاجمونا على كل جبهة بحوالي 20 إلى 30 دبابة للوصول إلى كوباني، وكانت الحرب مندلعة في كل مكان، كانت الحرب تدو في كل النقاط، أرقنا الدماء في كل مكان، وقدمنا الشهداء والجرحى، ووصلوا إلى مدينة كوباني بهذه الطريقة، قطعنا الأنفاس عليهم من كافة الأطراف، قطعنا الأنفاس عليهم عبر تفجير العبوات الناسفة وعمليات القنص ونصب الكمائن والمناورات الالتفافية، وكانت المقاومة حاضرة في كل مكان، ولم يتمكن العدو من الوصول إلى كوباني بسهولة.
وكانوا يحاولون جاهدين إيجاد نقطة ضعف، حيث كان تكتيكهم الثاني هو زرع الرعب، وكانوا يسعون لتخويف خصمهم وإثارة الذعر لديهم، بماذا كان الذعر الأكبر، كان من خلال التفجيرات، ولكن قمنا في مواجهة هذه المناورات التكتيكية وفي مواجهة التفجيرات الكبيرة بتنفيذ عمليات أقوى بعشرات الأضعاف، وكانت لدينا الكثير من التكتيكات القتالية، حيث كان مستوى مناورتنا قوية للغاية، كما كنا قد قمنا بتطوير مجال تفجير العبوات الناسفة، حيث كان تفجير العبوات الناسفة في كل مكان، وكانت الألغام حاضرة في كل خطوة، حيث كنا نقوم باستخدام الأساليب الشعبية التي من شأنها أن يطؤوا في خطوة يخطونها على الألغام، فهم كانوا يتخذون من التفجيرات الضخمة أساساً لهم، ونحن بدورنا، كنا قد اتخذنا من زرع الألغام التي من شأنها تدميرهم أساساً بالنسبة لنا، بحيث أينما تطأ أقدامهم سيكون هناك انفجارات، وهذا ما حصل، ولم يخبروا بعضهم البعض لفترة طويلة في أي جانب تتواجد الألغام، وحتى إذا رأوها، لم يخبروا العصابة التي بجانبهم، لأنهم لو كانوا يعلمون لما تمكنوا من الوصول إلى تلك المنطقة أو القرية أو الساحة، وكانوا يتجنبون قول ذلك لكي لا ينتابهم الخوف والذعر، ولذلك، كان كل من يمر من هناك، تنفجر فيهم الألغام، وكل من كان يدخل إلى تلك المنازل، كانت الألغام تنفجر بهم ويُقضى عليهم، وأدركوا في النهاية أنه ليس عمل شخص واحد أو إثنين، بل إنه يتم القضاء على الجميع، وباتوا غير قادرين على التحرك بسهولة، حيث أرادوا زرع الرعب، ولكن هم انتابهم الرعب، بحيث أنه وصل بهم الحال إلى عدم القدرة على القيام بخطوة واحدة، فبمجرد أن يخطو خطوة يتم القضاء عليهم.
وبعد أن سيطروا على تلة مشتنور، أرادوا السعي مرة أخرى خلف حلم احتلال كوباني، وكانوا لا يزالون مصرين على ذلك، ويرسلون التعزيزات، حيث كانوا يرسلون الدبابات والمجنزرات، ويجرون عمليات الاستطلاع والكشف، ولن يتمكن أحد من إخراج الشعب من هذه الأرض مرة أخرى، وطالما أننا متواجدين هنا، فإن شعبنا سيكون هنا أيضاً، وحتى ولو قدم شعبنا تضحيات جسيمة وأراق الدماء، فلن يغادر أرضه، وقد أدرك مرتزقة داعش هذا الأمر، وشاهدوا بأعينهم أنه لا يمكن القضاء على وحدات حماية الشعب (YPG)، ولا يمكن كسر شوكة الشعب الكردي، وقد خلق القائد أوجلان هذه الإرادة في كل مكان، حيث خلق الإرادة الكردية الحرة، وقد أعاد خلق الإرادة الكردية المقاومة من جديد، ولم يعد بالإمكان كسر الكرد بسهولة، حيث أن الكرد خاضوا المقاومة في كوباني، ولا زالوا يقاومون، وأصبحت كوباني رمزاً للمقاومة في العالم.
* مقتبس من وثائقي "مقاومة القرن".